مدخل:
حقيقة وجود الله الخالق هي من أظهر وأوضح الحقائق على الإطلاق، إلا أن الحاجة للاستدلال عليها ملحّة إذا انتكست الفطرة وتم التشكيك في البدهيات والقواعد المنطقية الأساسية التي تُبنى عليها المعارف.
والفطرة التي نتعرّض لدلالاتها على وجود الله في هذا المقال هي من الأدلّة الكبرى على وجود الله، وهي ركيزة أساسيّة كذلك في الاستدلال القرآني على أصول الاعتقاد، فالقرآن الكريم لا يقدم الأدلّة بالترتيب والتفصيل، بقدر ما يخاطب في الإنسان تلك الفطرة التي فطره الله عليها، فيقول الله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [1] في جمع بديع بين استثارة الفطرة والاستدلال بالكون المنظور.
“فإن وجود الله –سبحانه- من أبين الأشياء وأظهرها، وكل شيء في الوجود معتمد على وجوده، فهو الدليل لكل شيء وهو المدلول.
فخلق الإنسان آية دالة على وجوده، وآيات الكون شاهدة على وجوده، وكل شيء في الوجود ينطق بأنّ له خالقا وصانعا حكيما” [2].
وسنتعرض لمكونات الفطرة أولا، ثم أوجه الاستدلال بالفطرة على وجود الله وحقائق الإيمان.
المحور الأول: تعريف ومكونات الفطرة:
نفصد بالفطرة مجموع المبادئ العقلية والنزعات، والغرائز المغروزة في الإنسان مبدئيا، ولا تتشكّل عن طريق الاكتساب والتّلقين والتأثّر بالمحيط.
ونستعرض بعضا من أهمّ المكوّنات الفطرية في الإنسان:
فطريّة الإيمان بالله:
فالإنسان يؤمن بوجود الله وله تصوّر عنه بشكل فطريّ، ويظهر ذلك في السنوات الأولى لدى الطّفل.
ومن الأدلّة على فطريّة الإيمان:
الواقع والتجارب الشخصية:
فإن التجارب الشخصية لكل أحد والواقع وقراءته والاحتكاك بالناس حتى المنتسبين للإلحاد، يشهد بفطرية الإيمان بوجود الله، وبوجود تصوّر عن الإله بشكل فطري.
وتجربتي المتواضعة جدا في رصد الإلحاد والحوار مع الملاحدة أجد فيها شهادة على ذلك، تتمظهر في مواقف عديدة من قبيل: انتقال الملحد مباشرة من الإلحاد للربوبية ليحاورك في صحة الإسلام حتى لو كان ملحدا منكرا لوجود الله قبل ذلك والتحجّج بالقول (لو كان هناك إله فلن يكون هو إله الإسلام)، أو الاعتراض من الملاحدة على التصور الإسلامي للإله وهم منكرون لوجود إله أصلا، فهذا دليل على وجود تصوّر فطري لدى هؤلاء عن الإله. هذا بالإضافة للتجارب الحياتيّة لكل أحد وهو طفل أو وهو أب، نعرف من خلالها وجود تصوّر لدى الطفل في سنواته الأولى عن الله.
ظهور آثار الفطرة عند وجود الدواعي:
الفطرة المُودَعَة في الإنسان تظهر آثارها حين تكون لها دواعٍ، ومن هذه الآثار الافتقار والحاجة واللجوء إلى قوة أعظم وأقوى ومتعالية هي الإله في المحن والشدائد والآفات.
وذلك ما وصفه الله تعالى في القرآن الكريم: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} [3]. ويقول الفخر الرازي مؤكدا هذا المعنى: (أن الإنسان إذا وقع في محنة شديدة وبلية قوية لا يبقى في ظنه رجاء المعاونة من أحد، فكأنه بأصل خلقته ومقتضى جبلته يتضرع إلى من يخلصه منها ويخرجه عن علائقها وحبائلها، وما ذاك إلا شهادة الفطرة بالافتقار إلى الصانع المدبر) [4].
الأبحاث العلمية:
هناك أبحاث علمية كثيرة تؤكد على فطرية الإيمان بالخالق، وأقتصر هنا على ذكر بعض الدراسات التي قام بها د. جستون باريت المتخصص في علم الإدراك الديني cognitive science of religion والذي صدرت له كتب ونشرت له أبحاث أكاديمية في هذا المجال إلى جانب بعض الدكاترة والباحثين مثل البروفسور جوناثان لانمان Jonathan A. Lanman من جامعة أكسفورد، وأوليفيرا بيتروفيتش Olivera Petrovich الباحثة في علم نفس النمو والأديان بجامعة أكسفورد. وسبب اقتصاري على هذه الأبحاث أنّ هناك نقدا وجدلا علميين توجّها لبعض الأبحاث الأخرى في هذا الصدد مثل تلك الأبحاث في فرع علم الإلهيات العصبية neurotheology وكون أبحاث أخرى في ما يعرف بالجين الإلهي الذي ألّف فيه دين هامر كتابه “The God Gene: How Faith Is Hardwired into Our Genes” تستند على فرضيات فقط. لكنها عموما تنطلق كلها –هذه الدراسات– من فطرية الإيمان وتبحث عن سبب ذلك عصبيا أو عضويا.
فقد نشرت صحيفة التلغراف البريطانية في نونبر سنة 2008 بحثا أكاديميا عنوانه: “الأطفال يولدون مؤمنين بالله Children are born believers in God” يؤكد فيه الدكتور جستون باريت Justin Barrett وهو باحث متقدم في مركز علوم الإنسان والعقل في جامعة أكسفورد بإنجلترا أن الأطفال الصغار لديهم القابلية المُسبقة للإيمان بـ“كائن متفوق”، لأنهم يعتبرون أن كل ما في هذا العالم مخلوقٌ لسبب، ومن تعليقاته أيضا قوله: “أننا لو وضعنا مجموعة منهم على جزيرة لينشأوا بمفردهم فسيؤمنون بالله” [5].
كما ألف د. جستون ود. جوناثان لانمان كتابهما: ”علم الإيمان الديني The Science of Religious Beliefs” في نفس العام 2008 يقرّران فيه نفس الحقيقة [6].
كما أن الدكتورة أوليفيرا بيتروفيتش Olivera Petrovich هي الأخرى تقرر هذه الحقيقة في كتابها: “نظرية الطفل عن العالم Child’s Theory of World” المنشور سنة 2009، حيث تقول بأن: “الإلحاد بالتأكيد موقف مكتسب Atheism is definitely an acquired position”.
ونشر موقع ساينس ديلي Sciencedaily وكذلك CNN سنة 2011 نتائج دراسة ضخمة وموسّعة بقيادة أكثر من دكتور مرموق مثل البروفيسور روجر تريغ Roger Trigg من جامعة أكسفورد أيضا، استغرقت 3 سنوات، حيث شارك فيها 57 باحثا وكلفت 1.9 مليون جنيه إسترليني، وذلك عبر 20 دولة يمثلون ثقافات مختلفة. وتم فيها الإثبات تحليليا وتجريبيا بأن البشر يميلون للإيمان بالله وبالحياة بعد الموت: وأنه حتى الملاحدة يتساوون في تقدير دور منطقي للعقل في الوجود. وعنوَن موقع CNN للمقال: “الإيمان الديني طبيعة بشرية: دراسة ضخمة تؤكد ذلك Religious belief is human nature, huge new study claims” [7].
ثم نشر د. جستون باريت بعدها سنة 2012 كتابه “مؤمنون بالفطرة Born believers [8]” وقد تُرجم للعربية بعد ذلك تحت عنوان “فطريّة الإيمان”، وذكر فيه الكثير من الأبحاث التي قام بها باعتباره قائدا في الدراسة السابقة، ونتائج هذه الأبحاث. حيث يقول في مقدمة كتابه: “فالأطفال قد جاؤوا إلى الدنيا بمعرفة أنقى وأدق من معرفة البالغين” ويقول: “ويبين هذا الكتاب كيف ينمي الأطفال عقولهم فطريا بحيث تدفعهم للاعتقاد بالإله .. فالناس قد يولدون عمليا مؤمنين” [9].
وقد ساق بعض الشهادات التي تؤكّد فطرية الإيمان حتى مع وجود تلقين إلحاديّ من الآباء، فهذه أسرة من ثلاث بنات وأب ملحد، تقول الزوجة: “فالبنات الثلاث جميعهن يؤمنّ بالله وبدرجة عميقة، بل إن (صوفي) أكبرهن تشاجرت مع أبيها وأخبرته أنه مخطئ باعتقاد أن الله غير موجود”، كما أبدت أمّ ملحدة من أكسفورد بانجلترا ذهولها عندما اكتشفت أن طفلها ذا السنوات الخمس لديه إيمان راسخ بالله رغم كل جهودها للعكس، كما عبّرت ممثلة كوميدية أيضا عن الصعوبة البالغة التي وجدتها في تلقين ابنتها الإلحاد [10].
ويعلّق د. جستون على هذه القصص بالقول: “إن هذه القصص والكثير غيرها ليست هي الأسباب التي تدعوني إلى القول بأن الأطفال يولدون مؤمنين، لكنها تقول إن ما يجري هنا هو شيء مختلف عن المصادفة أو التلقين” [11].
لأن هذه القصص يذكرها على وجه الاستئناس، فالكتاب مليء بالأبحاث العلمية والاختبارات، وخصص منه جزء كبير فقط لذكر المراجع، التي جعلت العلماء يتأكّدون من فطريّة الاعتقاد بوجود إله.
الأسئلة الوجوديّة الكبرى:
تهجم على الإنسان فطريّا أسئلة وجوديّة كبرى، لا أحد يستغني عنها، فتجد الطفل الصغير يسأل نفسه أو أبويه عن الإجابة عن هذه الأسئلة.
ونقصد بالأسئلة الوجوديّة الكبرى ثلاثة أسئلة خاصّةَ: من أنا؟ من أين أتيت؟ إلى أين سأذهب؟ وقد نضيف لها سؤال الغاية، لكن أفردنا الحديث عنه لأهمّيّته. فهذه الأسئلة تحيّر الإنسان، وهو في أشدّ الحاجة إلى أجوبة لها، والعلم التجريبي لا يمكنه بأيّ حال الخوض في هذه الأسئلة وليست من اختصاصه. فيبقى دور الفلسفة، مع النسبيّة والتّضارب والافتراض دون استدلال الذي تشهده الفلسفة.
والإجابة على هذه الأسئلة –على الأقل الإجابة من وجهة النظر الشخصيّة للفرد- هي التي تشكّل الرؤية الكونية للإنسان، كما أنّ راحة الإنسان وانسجامه مع ذاته يستدعي التناسق بين الرؤية الكونية للإنسان وتوجّهه الفكري في الأسئلة الوجودية وبين أفعاله.
الإرادة الحرة:
يشعر الإنسان بشكل فطري ضروري بإرادته الحرّة في الاختيار والتصرّف، كما يُفرّق بشكل فطري أيضا بين ما له إرادة فيه، وما هو من صميم القدر أو الاضطرار.
ومعلوم الجدل الفلسفي حول الحرية والحتمية، وخلاصة ما في الأمر أنّ الشعور بالإرادة الحرّة فطري ضروري في الإنسان، لكن بعض الفلاسفة ضخّموا من حجم الحتميّات –حسب تياراتهم– فمنهم من جعل الإرادة الحرّة وهما واعتبر الإنسان خاضعا لحتميات بيولوجية كما نيتشه، أو حتميات اجتماعية. لكن الإنسان رغم وجود مؤثرات على سلوكه فإن له إرادة وحريّة في أن ينساق وراء هذه المؤثرات أو يتغلّب عليها، وهو يفرّق بشكل بدهيّ بين ما له حريّة فيه وبين ما لا تسري عليه إرادته كردود الأفعال اللاإراديّة والأمور القدريّة.
يقول الشيخ المهندس عبد الله العجيري: “من الجوانب الفطرية التي يجدها الإنسان في نفسه ضرورة، ذلك التفريق الضروري بين أفعاله الاختياريّة وما يصدُر عنه اضطرارا؛ فحين يرفع الإنسان كأس ماء لفمه، أو يحمل حقيبته، أو يركب السيارة؛ فإنّه يستطيع أن يميّز بسهولة هائلة الفرق بين جنس هذه الأفعال وبين نبضات قلبه وجريان الدم في عروقه، أو ما يُصيبُه من رعشة لبرد شديد. يلحظ الإنسان أن بإمكانه أن يتوقّف عن التنفّس مدّة باختياره، لكنه يعجز عن الاستمرار في هذا الفعل؛ لردّة فعل لاإرادية تستدعي النفس” [12].
الإحساس بالجمال:
الإحساس بالجمال هو حركة عاطفية في الروح وشعور بالفرح والطمأنينة، وهزّة انفعالية وحلم ولذة خالصة، وهو ينتشر في الموضوع دون أن نعرف السبب في ذلك.
وهذا المعنى يجده الإنسان بشكل فطري ضروري في نفسه، فيحسّ بالجمال وتتحرّك نفسه له، ويفرّق بينه وبين القُبح.
المسلّمات والبدهيات العقلية الأوّلية:
والاسم الشائع للمبادئ العقلية الأولية هو الحقائق العامة أو common sense، وهي مبادئ عقلية عليها تقوم كل المعارف الأخرى، ولا يمكن الاستدلال عليها، بل هي دليل في حد ذاتها.
وهذه البدهيّات فطريّة في الإنسان لا تحتاج للتلقين، ويجد الإنسان في نفسه مدافعة فطريّة للتشكيك فيها.
يقول الإمام ابن حزم: “ما كان مُدركا بأوّل العقل وبالحواس فليس عليه استدلال أصلا، بل من قبل هذه الجهات يبتدئ كل أحد بالاستدلال، وبالرّد إلى ذلك، فيصحّ استدلاله أو يبطُل” [13].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “البرهان الذي يُنال بالنظر فيه العلمُ، لا بد أن ينتهي إلى مقدمات ضرورية فطرية” [14].
ومن أمثلة هذه الحقائق البدهية: الجزء من الشيء أصغر من الكل، لكل حادث سبب، استحالة اجتماع النقيضين، استحالة تواجد جسم واحد في أكثر من مكان، تحديد الأحداث والحوادث بالزمان والمكان، انقسام الأخبار لصدق وكذب.
وكل هذه البدهيّات هي فطرية أساسيّة في الإنسان، لا يختلف عليها العقلاء، بل إليها مَرَدُّ الحقائق والمعارف الأخرى، وبها يتم الاستدلال على صحّة أو خطأ المعرفة المكتسبة التي تتحصّل بالنظر.
النّزعات:
من المكونات الفطرية لدى الإنسان كذلك: النّزوع إلى بعض المعاني والحاجات الكامنة في النّفس، من أبرز هذه النزعات: النزعة الأخلاقية، النزعة الغائيّة، نزعة التّديّن.
النزعة الغائية:
يمتلك الإنسان شعورا فطريا بوجود غاية من الحياة والوجود ككل، ومن الأحداث والوقائع، يدفعه هذا الشعور للتساؤل عن الحكمة والقيمة والهدف، سعيا منه إلى المعرفة.
هذه النّزعة الغائية في الإنسان تتمظهر خاصّة في السّؤال الدّائم “لماذا؟” خاصّة في القضايا الوجودية الكبرى، في سعي حثيث لمعرفة الغاية والمعنى من الوجود: لماذا نحن هنا؟. فالإنسان لا يمكن أن يتصوّر حياة بدون غاية وهدف ومعنى.
نزعة التّديّن:
نقصد بنزعة التّديّن شعور الإنسان بالحاجة والافتقار إلى إله، والشعور بالنّقص، وبالحاجة للعبادة. وهذا المكوّن فطري في الإنسان متجذّر فيه، ومعروف كلام الفيلسوف ديكارت عن النقص واستدلاله به على وجود إله واتصافه بالكمال، وهذا الشعور بالنقص والحاجة هو السبب في انتشار التدين تاريخيا في الحضارات المختلفة، سواء تعلق الأمر بالإسلام (التوحيد)، أو بالديانات المخترعة الباطلة، ويتجلى ذلك في كون ظاهرة الإلحاد واللادينية عبر التاريخ البشري تظل ظاهرة استثنائية نادرة. يؤكد هذا ما قاله المؤرخ الإغريقي بلوتارك: “لقد وُجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد قط مدن بلا معابد”، وكذلك قول أرنست رينان: “إن من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه، وأن تبطل حرية استعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن يستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة ناطقة على بطلان المذهب المادي، الذي يريد أن يحصر الفكر الإنساني في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية”.
النزعة الأخلاقية:
يفرّق الإنسان فطريا بين الحسن والقبيح من الأخلاق، كما يُقرّ بالقيم الأخلاقية وبموضوعيتها وكونها مطلقة.
ومن الأهمية بمكان أن نذكر هنا بأن الإنسان فطريا وبعيدا عن الدين لا يمكن أن تكون له منظومة أخلاقية متكاملة، كما أنه لا يمكن أن يستمدّ مشروعية هذه الأخلاق وإلزاميّتها وموضوعيّتها إلا من الدين، لكن ما يتوصّل إليه الإنسان فطريا هو إدراك الحسن والقبيح والتّمييز بين الأخلاق وكذلك إدراك أنّ لهذه الأخلاق بُعدا موضوعيّا يتجاوز الذوق الشخصي والبعد الذاتي والمصلحة وما تقتضيه البراغماتية النفعيّة.
كما أنّ هذه الأخلاق التي يدركها الإنسان فطريا قد نقول إنها ما يصطلح عليه بالقيم العالمية الكونية، التي منها قيمة العدل والصدق والأمانة، والتمييز بينها وبين الظلم والكذب والخيانة مثلا.
وفي معرض حديثه عن مستويات الدلالة الفطرية على وجود الله، يقول المهندس عبد الله العجيري:
“من المعاني الفطرية أيضا، التي يجدها الإنسان من نفسه: نزعة أخلاقية متجذرة، يدرك من خلالها ليس فقط الأخلاق حسنها من رديئها، بل ويجد من نفسه إدراكا ضروريا بأن لهذه القيم الأخلاقية معانٍ موضوعية، تعطي لهذه الأخلاق قيمتها الحقيقية بعيدا عن اعتبارات النسبية والإضافة، فهي حقائق موضوعية متجاوزة للوجود الإنساني، بل وللوجود المادي، فسواء وُجد الإنسان أو لم يوجد، وسواء وُجد الكون أو لم يوجد فستظل مثل هذه القيم الأخلاقية محافظة على قيمتها الموضوعية” [15].
الغرائز:
الغرائز هي مجموع النشاطات النّفسية والأنماط السُّلوكيّة لدى الكائنات، والتي تؤمّن استمرارها وتكاثرها وحياتها. وهي إمّا مميّزة لنوع معين من الكائنات كالطريقة الخاصّة بالنّحل في إنتاج العسل وتنظيم الخلية، أو مشتركة بين مجموعة من الكائنات مثل خاصية الحيوانات العاشبة أو اللاحمة، أو مشتركة بين جميع الكائنات الحية كخاصّية الزّوجية.
ومن هذه الغرائر على سبيل المثال غريزة التملّك، وغريزة حب البقاء، وغريزة التزاوج.
ومن الغرائز البديعة والمعقّدة لدى الحيوانات:
” – انشاءات هندسية معقّدة في بناء البيوت والسدود والجسور، كما عند العنكبوت وكلب الماء..
الادخار، وتأمين قوت المستقبل، كما عند النملة والنحلة والسنجاب..
العطف على الأبناء، كما عند الدب والقندس والفيل..
مهارة في التمثيل والحيلة كما عند الضفدع الأقرن..
دقة في التخفي والتمويه كما عند الكوكو والسرطان الناسك..
قدرة على صنع الماء في داخل الجسم دون جهاز كيمياوي أو شرارة كهربائية..
معرفة الحيوان للقوانين الفيزيائية، كدامغة [أو دافعة] أرخميدس أو ضغط الهواء..” [16].
المحور الثاني: أوجه الاستدلال بدليل الفطرة على وجود الله وعلى حقائق الإيمان:
المكوّنات الفطرية لها أوجه كثيرة من الاستدلال سواء على حقيقة وجود الله، أو على ضرورة النبوة، وكذلك صحّة الإسلام. وسأذكر أبرزها:
الوجه الأول: الاستدلال بمكوّنات الفطرة على وجود الله الذي أودعها في الإنسان:
إنّ هذه المكوّنات الفطريّة في الإنسان تثير تساؤلا مهمّا هو: من أودع هذه الفطرة في الإنسان؟
وحينها لا جواب منطقيّ على هذا السؤال سوى وجود إله خالق بارئ حكيم عليم أودع في الإنسان بشكل خاصّ وفي الكائنات تلك الفطرة.
فإنّ وجود تلك المكونات الفطرية دليل على موجدها، وعلى وجود إرادة وحكمة وقصد وراءها.
الوجه الثاني: الاستدلال بتعالي مكوّنات الفطرة على المادة والطّبيعة:
إنّ الإنسان يملك في جوهره الفطريّ حسّا أخلاقيا متعاليا على الطبيعة الماديّة والذاتيّة، ونزعة غائيّة متنزّلة عن الصُّدفيّة والعشوائيّة والاحتماليّة، وبدهيات عقلية متجذرة متسامية عن التفاعلات الكيميائية المادّية في الدماغ، ويشعر فطريا بامتلاكه للإرادة الحرّة المتعالية على الجبريّة التي تحكم قوانين المادّة.
فالإنسان إذن ليس نتاج المادّة ولا الطبيعة ولا الصّدفة والجبريّة، وإنّما هو صنع خالق عليم خيّر له إرادة وحكمة وغاية، متعالٍ على المادّة.
وفي استثناء فكرة وجود الله، لا يمكن تفسير هذه المكوّنات الفطريّة في الإنسان، كما أنّ هذه المكوّنات غير معترف بها خارج نطاق الماديّة الإلحاديّة أصلا. وهذا ما يفسّر تأليف الملحد الشهير لورانس كراوس لكتاب في إنكار الإرادة الحرّة للإنسان وأنّ القوانين المادية المتّسمة بالجبريّة هي التّي تحكم أفعال الإنسان. كما سعى زميله الشهير أيضا دوكنز إلى التشكيك في البدهيات العقلية، ما دامت أنّها في النّطاق الماديّ وفي غياب وجود الله لا معنى لها ولا قيمة، وهي مجرّد نتاج صدفيّة وعشوائية وانتخاب طبيعيّ أعمى وعن دماغ قرد أفريقي لغرض البقاء! كما عبّر عن تسفيه السؤال عن الغاية من الكون الذي يلحّ على الإنسان بقوله في إحدى لقاءاته: “ولكن السؤال عن غاية الكون سؤال سخيف، وليس له معنى”.
الوجه الثالث: الاستدلال بفطرية الإيمان على ضرورة وجود الله كونه من البدهيات:
إنّ البدهيّات العقلية أو الحقائق العامّة لم تكتسب مصداقيّتها وبرهانها وحجّيّتها إلّا من كونها فطريّة في الإنسان غير مكتسبة، وإذا كان كذلك، فإنه –كما بيّنا- كون معرفة وجود الله فطريّا ووجود تصوّر عن إله كامل مباين للخلق بشكل فطري يجعل من وجود الله بدهيّة من البدهيات التي هي دليل بذاتها، ولا تحتاج برهانا.
وإذن فوجود الله بدهيّة عقلية قائمة بذاتها، مستغنية عن البرهنة والاستدلال، وهي حقيقة عامّة لا تقبل التشكيك حتى لو لم يوجد دليل آخر يؤيّدها. ومن هذا المنطلق كان بعض العارفين يصفون الله بأنه الدليل على كل شيء، وليس العكس بجعل الأشياء دليلا على وجوده.
وفي الحقيقة، وجود الله أصل كل الحقائق إذا ما تأمّلنا، وهو التفسير الوحيد كذلك لكل الحقائق وأصل موضوعيتها، والإلحاد بذلك يكون بداية إنكار لباقي الحقائق والبدهيات والتشكيك فيها.
الوجه الرابع: الاستدلال بالأسئلة الوجودية والنزعة الغائية على وجود الله والقصديّة من الوجود:
إن النظرة الماديّة الإلحاديّة للوجود والحياة تقتضي أنّ الحياة لا هدف ولا غاية منها، بل إنّ معنى الغاية متجاوز لحدود المادّة، لكنّ المكوّن الفطريّ الملحّ على الإنسان الذي يهجم عليه كلّ مرّة بالأسئلة الوجودية خاصّة سؤال الغاية يقتضي عكس هذه الماديّة المصمتة التي تتحرّك بجبريّة وبلا معنى.
ويصوغ لنا المحقق جون تمبلتون المأزق الإلحادي في سؤاله الاستنكاري: “ألن يكون أمرا غريبا، أنّ كونا ليس له غاية، خلق بشرا بالصُّدفة، مهووسين بالغاية؟”
وعلى نفس المنوال صاغ آندي بنشتار قوله: “لو أنّ ذلك صحيح [يقصد التصوّر المادي الدارويني] فنحن نواجه لغزا محيّرا إلى حدّ كبير: وهو، لماذا نرغب في المزيد؟ ما الذي يجعل البشر هم الكائنات الوحيدة التي تسأل سؤال ‘لماذا؟'”
فهذه النزعة الفطريّة في الإنسان دالّة على وجود الله الذي أودعها في النفس، ودالّة على أنّ لهذا الكون غاية وهدفا وأنّ الوجود الإنساني هو لحكمة عظيمة وأنّ الموجودات والأحداث لها مقصود وليست عبثا. وهذا يستدعي ضرورة النبوّة والرسالة ليعرف بها الإنسان الجواب الصّحيح الذي لا شكّ فيه، على الأسئلة الوجودية، فلا يمكن للإله الذي جعل في صميم النفس البشرية هذه الحاجة الملحّة للجواب، أن يترك الإجابات للبشر أنفسهم وللفلسفة البشرية القاصرة عن تناول هذه الأسئلة بمعزل عن النسبية والافتراض.
فالإنسان إزاء الأسئلة الوجودية بمثابة كائن في صندوق يحاول أن يفترض ما يوجد خارجه، فلا تحصل لديه معرفة حقيقية إلا ممن خارج الصندوق، ولله المثل الأعلى، فهو سبحانه الذي لا تسري عليه القوانين المادّية الذي يمكنه أن يخبر الناس بالأجوبة عن الأسئلة الوجودية التي تخرج عن نطاق المادّة وتدخل في نطاق الغيبيات.
كما أنّ من صميم النّزعة الغائيّة شعور الإنسان بحاجته للرّاحة المطلقة، وهذا للإشارة ما يجعل من مشكلة الشّر سببا في الإلحاد، لكنّ هذا الشعور مع وجود الشر، وإدراك الشر الذي هو مفهوم ميتافيزيقي، يضرب في عمق المادّية التي يستلزمها الإلحاد، ويدلُّ على ضرورة عالم الآخرة الذي ينعدم فيه الشر ويسود فيه العدل الإلهيّ.
الوجه الخامس: الاستدلال بالنزعة الأخلاقية والإرادة الحرة على ضرورة النبوّة والحساب:
إنّ شعور الإنسان بالنّزعة الأخلاقية: تفريقه بين الخير والشر، وإدراكه موضوعية هذه القيم الأخلاقية، يستدعي تساؤلين:
هل هناك قيم موضوعيّة؟
إذا كان الجواب بالإيجاب: فما مصدر هذه القيم الموضوعية أو ما المعيار لموضوعية القيم؟
فإذا كنّا قد استنتجنا من مجموع مكوّنات الفطرة ضرورة ووجوب وجود الله، والقصد والحكمة في أفعاله سبحانه، فإنّ هذه النّزعة الأخلاقية هي الأخرى نستنتج منها أن هناك أخلاقا موضوعيّة، والمصدر الوحيد الموضوعيّ للأخلاق هو الله وحده، ما دام أنّ الأخلاق في عالم الإنسان تحكمها النسبية والمصلحة والأهواء والذاتيّة.
فنكون بذلك قد توصّلنا إلى أنّ القيم الأخلاقية لها موضوعيّتها التي لا تتأتّى إلا في ظلّ الوجود الإلهي، وأنّ حاكميّة هذه الأخلاق في الدّنيا لا تكون إلا برسالة إلهيّة.
والإرادة الحرّة التي يتمتّع بها الإنسان تجعله يختار بين اتّباع هذه الرسالة الإلهية أو عدمه، وعليه يتحمّل مسؤولية اختياره، وعليه تتوجّب حاكميّة هذه القيم الأخلاقية المتجاوزة للمادية والوجود الإنساني في ما بعد الموت.
فإنّ النتيجة التي نصل إليها من هذا الوجه من أوجه الاستدلال: وجوب وجود الله، ضرورة النبوّة، حاكميّة النبوّة في الدنيا والآخرة، اختيار الإنسان في الدنيا، تحمُّل الإنسان مسؤولية اختياره، ضرورة الحساب الأُخرويّ.
الوجه السادس: البدهيات العقليّة ودلالتها على الله:
بالإضافة إلى كون الإيمان بالله بدهيّة من البدهيّات، فإنّ البدهيات العقلية الأخرى تؤدّي أيضا إلى وجوب وجود الله سبحانه، ومن هذه البدهيات: مبدأ السببيّة الذي يقتضي أن لكل حادث محدثا، وأن: الشيء يُعرف بأثره، فآثار الشيء دليل على وجوده، وأنّه كُلّما وُجد نظام وتعقيد كان وراءه حكمة وذكاء وإرادة.
كما أنّ هذه البدهيات هي من مصادر المعرفة العلميّة، التي توصل الإنسان من خلالها إلى أنّ المادّة ليست أزليّة، وإلى معارف علمية كثيرة تقتضي وتشهد بوجود إله خالق لهذا الكون، كالقوانين والثوابت والضبط الدقيق.
كما أنّ بهذه البدهيّات نستنتج صفات الله، ونصل إلى معايير عقلية علمية منطقيّة لمعايير صحّة النبوّة والدّين.
الوجه السابع: فطرية الإيمان ونزعة التّديُّن والنّقص ودلالتها على ضرورة التوجيه الإلهي:
إذا كان الإنسان يُحسّ فطريا بنزوع نحو التدين، وبالنقص الذي يدفعه إلى العبادة، فإنه سيعبد أيّ شيء، والتاريخ والواقع يشهد بذلك، فالإنسان قد عبد الأوثان والحجارة والحيوانات والبشر.. ولذلك بالإضافة إلى التّوجيه الفطريّ للإنسان الذي يعرف منه صفات الإله الحقّ، إلا أنّ المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه والبيئة التي تحتضنه قد تؤثّر على هذه الفطرة، فينقاد بنزعة التديّن التي فيه إلى عبادة ما لا يصحُّ عبادته، ولذلك يحتاج الإنسان إلى هداية بيانيّة إرشاديّة أخرى عبر النبوّة: لتبيّن له الإله الحقّ وكذلك كيف يتعبّد له.
وهناك جانب مهمّ يبيّن لنا أهمّيّة النبوّة أيضا وهو النّقص المعرفي: فإنّ الإنسان رغم تصوُّره الفطريّ عن الإله، فإنّه يحتاج إلى مزيد من المعرفة حول الله وصفاته، ليتعبّد له.
الوجه الثامن: الاستدلال بالغرائز والنّزعات على ضرورة النبوّة:
إنّ الغرائز والنّزعات تحفظ بلا شكّ بقاء الإنسان وترشده في حياته، لكنّها تحتاج إلى ضبط حتى لا تضرّ الإنسان وتضر بالآخرين. فنزعة الأنانية الفطرية مثلا وإن كان الجانب الفطري فيها محمودا، لكنّ عدم ضبط هذه النّزعة يؤدي إلى أنانيّة مذمومة تضرّ بحقوق الآخرين، وهذا هو الأمر بالنسبة لباقي النزعات والغرائز.
فضرورة الضبط يحتاج لمعيار أخلاقي ثابت كامل وموضوعي رباني، ولا يكون ذلك إلا بوحي إلهي.
وحده هذا الوحي الإلهي دون غيره يمكنه الفصل في نزاعات البشر وآرائهم، وتقديم معيار متعالٍ عن الأهواء والمصالح، وموضوعي صالح وحاكم.
الوجه التاسع: الاستدلال على صحة الإسلام في تقريره لفطرية الإيمان بنفس ما جاء في الأبحاث العلمية:
فطرية الإيمان التي أقرّها الإسلام في قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا} [17] وفي قوله صلى الله عليه وسلم (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) [18]، لا تعني أن الطفل حين يولد يكون لديه تصور عن وجود الله، بل أنّ هناك مكوّنا فطريا ينمو في الطفل ليظهر في سنواته الأولى إذا لم توجد هناك عوارض وصوارف عن هذه الفطرة، وذلك لقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [19] ولقوله صلى الله عليه وسلم في تتمّة الحديث السابق: (فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه) الذي يبيّن فيه أن التنشئة هي من أبرز الصّوارف والعوارض التي تعترض الفطرة.
ويبين ابن تيمية ذلك فيقول: “وإذا قيل: إنّه وُلد على فطرة الإسلام، أو خُلق حنيفا ونحو ذلك؛ فليس المراد به أنّه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويُريده، فإن الله تعالى يقول {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}. ولكن فطرته مقتضية موجبة لدين الإسلام، لمعرفته ومحبّته. فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له، وموجبات الفطرة ومقتضاها تحصل شيئا بعد شيء، بحسب كمال الفطرة، إذا سلمت عن المعارض” [20].
وهذا متطابق تماما مع الأبحاث التي ذكرناها سابقا، فالدكتور جستون باريت يبين في كتابه Born Believers أنّ هناك نُظما هي التي تؤسس للإيمان:
“أشارت أبحاث جديدة مثيرة إلى تلك النُّظُم بالذات في العقل البشري التي تجعلنا نولد مؤمنين، وسأحدد في الفصول القادمة هذه النُّظم التي تنشأ مبكّرا، وأشرح كيف تجعل الإيمان بإله ما أمرا محتوما تقريبا. (…) هناك نظم ذهنية معيّنة تنمو باكرا وتؤسس للإيمان الديني في مرحلة الطفولة، والنظام العقلي الذي يقسم الأشياء في العالم إلى قسمين؛ أشياء فاعلة وأشياء منفعلة، يُشكّل أحد الأسس لولادة الإنسان مؤمنا بالفطرة” [21].
فإنّ هذا التطابق من إعجاز القرآن والسنة النبوية، وهو دليل على صحّة رسالة الإسلام.
خاتمة:
إن وجود هذه “الحُزمة” من المكونات الفطرية في الإنسان ليس له تفسير سوى وجود إله حكيم عليم أودعها في نفسه، لتكون شاهدة على وجوده، ويُعملها الإنسان في حياته لتحصيل المعرفة العلمية (بالنّسبة للبدهيات) ولحفظ بقائه (الغرائز والنزعات) وليكون واسع الأفق ولا يحصر نفسه في زاوية المادّية الضيّقة، فيعي معنى الجمال، ويعرف القيمة والأخلاق، ويهتدي إلى حقائق الإيمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] : سورة إبراهيم – الآية 10
[2] : أفنان بنت حمد بن محمد الغماس – منهج القرآن الكريم في دحض شبهات الملحدين – ص: 29
[3] : سورة يونس – الآية 12
[4] : تفسير الرازي (19/71) (نقلا عن المصدر [2] ص: 59)
[5] : انظر البحث هنا.
[6] : انظر معلومات عنه هنا.
[7] : انظر المقال هنا.
[8] : انظر تفاصيل أكثر عنه هنا.
[9] : د. جستون باريت – فطرية الإيمان – ص: 13
[10] : المصدر السابق – الصفحات: 16، 17
[11] : المصدر السابق – ص: 17
[12] : عبد الله العجيري – شموع النهار – ص: 79
[13] : ابن حزم – الفصل في الملل والأهواء والنحل (5/242) وانظر (1/40)
[14] : ابن تيمية – درء تعارض العقل والنقل (3/309)
[15] : عبد الله العجيري – شموع النهار – ص: 57
[16] : شوقي أبو خليل – غريزة أم تقدير إلهي – ص: 9
[17] : سورة الأعراف – الآية 172
[18] : أخرجه البخاري في صحيحه في عدة مواضع منها الحديث رقم (1293).
[19] : سورة النحل – الآية 78
[20] : ابن تيمية – درء تعارض العقل والنقل (8/383)
[21] : د. جستون باريت – فطرية الإيمان – ص: 32